مقارنة خاطئة بين خاصية التكييف الطبيعي في البناء الطبيعي، والعوازل الحرارية الحديثة

مقارنة خاطئة بين خاصية التكييف الطبيعي في البناء الطبيعي، والعوازل الحرارية الحديثة

ليلي | نهاري

فإذا جاء الكلام مع أحد الأشخاص خلال المدة الماضية مع بداية اهتمامي بالبناء التقليدي عن التكييف الطبيعي الذي توفره المساكن الطبيعية القديمة الطينية أو الحجرية .. يشار دائمًا إلى ما يُعتقد أنه البديل الحديث المطابق له والذي يؤدي نفس الدور مثل استخدام الياجور المجوف، أو الطبقات العازلة البلستيكية، أو زيادة سمك الحوائط من خلال زيادة صفوف الطوب الاسمنتي "البومشي" المتجاورة إلى صفين.

وهذه فكرة خاطئة، فهناك فرق كبير بين مفهوم العزل الحراري، وبين مفهوم الكتلة الحرارية، وتكاد تكون الواحدة عكس الأخرى، فالأولى تعتمد على منع انتقال الحرارة، أما الثانية فتعتمد على استخدام خاصية الانتقال هذه، وهذا مختصر حول طريقة عمل كليهما:

التخزين الحراري ب الكتلة الحرارية Thermal Mass

البناء بالطرق التقليدية يعتمد على استخدام خاصية الكتلة الحرارية لمواد عادة ما تكون كثيفة وتوضع بحيث تكون سميكة في عرضها 50 سم أو أكثر، والكتلة الحرارية هي قدرة المادة على تخزين واطلاق الحرارة، ومن المواد التي تتمع بدرجة عالية من هذه الخاصية: الطين، التراب، الحجر، والماء. والمباني المبنية بهذه المواد تكتسب حرارتها وتفقدها بناء على تغير درجة الحرارة بالخارج نسبة إلى حرارة الداخل، ودرجات الحرارة بالداخل تتأثر بهذا التغير، ويكون استخدام هذه الخاصية مناسبًا عندما يكون اختلاف درجة الحرارة بين الليل والنهار 10 درجات مئوية أو أكثر، وهذه المواد تنقل الحرارة إلى الطرف الذي تكون فيه درجة الحرارة أقل، ولهذا هي تقوم بعملية تكييف حقيقي بالداخل، لأنها تكيف وتغير درجة الحرارة ارتفاعًا وانخفاضًا بناء على تغير درجة الحرارة بالخارج، كما أن هذه المواد المذكورة عادة ما تكون متنفسة ومسامية Breathable and porous وتسمح بمرور الرطوبة من وإلى الخارج، لهذا هي تحافظ أيضًا على درجة رطوبة مناسبة. أنت هنا لست بحاجة إلى تكييف.

العزل الحراري Insulation

هو عملية منع انتقال الحرارة من طرف إلى طرف ( والعزل يتفاوت في درجاته ) سواء بمادة عازلة كالفوم، أو بالهواء كالياجور المفرغ، بحيث تبقى درجة الحرارة داخل المنطقة المعزولة ثابتة حسب ما توفره أدوات التكييف الداخلية بمعزل عن تغيرات درجات الحرارة خارج العزل ( ترمس الشاهي أو الماء كمثال )، وأكثر المواد العازلة مواد غير مسامية، بمعنى أنها لا تسمح بمرور الرطوبة فتبقى محاصرة بالداخل. والعزل عامة يتناسب مع مناطق مثل أوروبا حيث أن درجة الحرارة في أكثر أيام السنة غير مناسبة وثابتة على ذلك مع قلة توفر أشعة الشمس المباشرة، لهذا ليس بإمكانهم الاستفادة بشكل جيد من درجة الحرارة بالخارج واستخدامها كتكييف بواسطة الكتلة الحرارية، فيقومون بعملية العزل الحراري التام حفاظًا على التدفئة والحرارة الداخلية المكتسبة من الخروج خارج المنزل. وكانوا قبل هذه العوازل الحديثة يستخدمون طريقة البناء بالقش كمادة عازلة جيدة. أنت هنا بحاجة إلى تكييف وتدفئة.

طريقة الكتلة الحرارية لدينا خصوصًا مع الحوائط التي يصل سمكها إلى أو يتجاوز 50 سم، تعمل بشكل بسيط كعازل حسب ما أعتقد، أنا لست خبيرًا في هذا المجال، ولكن ما أظنه إلى حد الآن بالنسبة لهذا أن الطريقة لها دور مزدوج، أي أنها تعمل ككتلة حرارية وكعازل في الوقت نفسه، وهناك نظريات حديثة تقول أن عملية التكييف لا تحدث أصلًا بواسطة انتقال الحرارة وإنما بواسطة خروج ودخول الرطوبة من الداخل للخارج والعكس، حيث أن ارتفاع الحرارة بالخارج يقوم بتبخير الرطوبة من داخل الجدران مما تنتج عنها خروج كمية من الحرارة وبالتالي انخفاض في درجة الحرارة من جهة الداخل ولكن هذا ليس الموضع لتفصيل هذه النقطة.

في هذه الصورة توضيح لطريقة عمل الكتلة الحرارية في اكتساب وفقد درجة الحرارة مقارنة بدرجة حرارة الجو، ومقارنة بمساكن لا تستخدم هذه الطريقة.

كتب: أحمد زبيدة
يوم الأحد 01 يناير 2017